الجمعة، 18 نوفمبر 2011

الشعب يريد عبوراً جديداً


خرج أمس البعيد عشرات الآلاف من جموع المصريين على اختلاف أطيافهم، إلى قلب ميدان التحرير، ينادون بصرخة مدوية "الشعب يريد اسقاط النظام"، مازالت أصداؤها تعم جموع البلاد طولها وعرضها. ناهيك عن الأصداء التي ترددت  إلى جموع الدول العربية، بل والعالم كله، حتى وصلت المجتمع الإسرائيلي  وبل "وول ستريت".
جاءت مطالبنا كمصريين واضحه وصريحة، كرامة...حرية...عدالة اجتماعية. وبعد أكثر من 10 أشهر على سقوط رؤوس النظام، قامت رؤوس جديدة بأسماء جديدة، ولكن مازال يجري في دمها سم النظام السابق. 

وفي الأمس القريب، خرجت جموع تقول أنها تمثل الشعب المصري، بمختلف طوائفه، تنادي" الشعب يريد تطبيق شرع الله"، ورُفعت أعلام ذات دلالات دينية محضة، ولا تمت إلى الوطن المصري. فها السم الآن لا يكمن في الرؤوس المتصدرة النظام حالياً بل أيضاً في قلب هذا جسم، في قلب ميدان التحرير.

أقول لجماعة الإخوان المسلمين ولجموع الجماعات الإسلامية الأصولية، التي خرجت أمس تنادي بتطبيق شرع الله، بسم أي شعب تتكلمون؟ بأي حق فرضتم أنفسكم أوصياء علينا؟ أين كنتم منذ عشرات السنوات، يوم كانت الرؤوس السابقة للنظام لكم بالمرصاد؟ أين كنتم ؟ ألم تكونوا كالجرذان ( مع كامل احترامنا للقذافي رحمه الله) تشاركونهم جحورهم؟ ألم تكونوا أسافل الأرض تتنشقون رائحة مياه الصرف العفنة، جبناء، منافقين، محظورين؟ ومازلتم مع بعض الفوارق البسيطة.
إن لم تكونوا جبناء يا سادة، فلماذا لم تثورا قبل ثورة25 يناير؟  لماذا لم تجاهروا هكذا بالمناداة بشرع الله من قبل؟ ويل لكم أيها الكذبة والمنافقون، إنكم كالقبور المملوءة رجاسة. إن رائحتكم العفنة قد خرجت، فبدلاً من العمل على تطوير المجتمع، ورفع مستوى معيشة المصري البسيط، العامل والفلاح، رحتم تفندون خططكم مع الشيطان لتقاسم خيرات البلاد وتصنيف البشر بين كافر ومُلحد. أما المؤمن فهو ميت معكم، يسير دون عقله، مغيب عن الواقع.
قام الشعب المصري الثائر ينادي بالكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية، فانتهزتم الفرصة واستغللتموها أحسن استغلال. وضعتم كلّ خططكم الماكرة والخبيثة من أجل الالتفاف على سُلطة هذا الشعب المناضل وسرقة كفاحه ضد الظلم والطغيان؟ ولكن ثقوا أن هذا الشعب واعٍ، هذه الأمه التي خرجت قبل أمس، لن تسمح لأحد، مهما كان السبب، بأن يسرق منها أحلامِها، وأن ينتزع منها شرفها. سيكون سقوطكم عظيماً لأن ما بُني على باطل فهو باطلٌ حقاً.

أما أنت أيها المجلس الموقر، الذي تُثبت يوماً بعد يوم أنك غير قادر على قيادة البلاد إلى بر الأمان. أتمنى منك أن تجلس وتتأمل في تاريخ هذه البلاد المُشرف من بدء التاريخ وحتى اللحظة الحاليّة، ستجد أن جذور هذا الشعب قوية جداً، لا يستطيع أحد أن يقلعها. لم تستطع قوة أن تهز ثباتها، وعزتها، وكرامتها، بل وثقتها بذاتها.
عبر هذا الشعب العظيم خط بارليف الذي لا يقهر، وسيعبر أزمته الحاليّة كما أعتاد بكل قوة وبأس وصبر. إن أزمتنا معكم هي أزمة ثقة، ويالها من أزمة. تقولون نحن الجيش، فأقول أنا المصري الذي صنع هذا الجيش. أنا المصري الذي يخدم بلده بهذا الجيش. لن أقبل كمصري أن أكون أعظم من بلدي، فبلدي هي كلّ مصري.
 لستم دولة داخل الدولة، بل أنتم خدام الدولة وحماتها. إن عنفكم الواضح وغير المُبرر ضدنا كمدنيين يدل على الكثير من عدم الوضوح والشافية، وعدم القدرة على القيادة بحيادية، بل أكثر من ذلك، يدل على مخطط واضح للاستيلاء على إرادة هذا الشعب الصامد. يا سادة الشعب يريد عبوراً جديداً، فكونوا أبطال هذا العبور، واعبروا عائدين إلى ثكناتكم، تخدمونا فيها، وتؤدون واجبكم الوطني الحق، وارحلوا عنا فلا نحتاج وصاية منكم ولامن الإخوان أو السلفيين. نحن أبناء أحمس ورمسيس الثاني، وطه حُسين ونجيب محفوظ وأحمد زويل، وأم كلثوم، قادرون على بناء مستقبلنا دون وصاية من أحد. قوموا بواجبكم اتجاه هذا البلد الكريم وهذا الشعب العظيم، واعبروا إلى ثكناتكم.

أما أنت أيها الشعب المناضل، فكفاك تفككاً وإنحلالاً وتأففاً. الحال سيء، نعم. ولكن الغد مشرق.  إن غربت الشمس يوماً فهي ستشرق غداً لا محال. إن الله لا يغير بقوم ما لم يغيروا بأنفسهم، ونحن أعلم بحالنا. انتشر الجهل بين الجميع، فحدث ولا حرج عن التعليم الذي يُخرج ملايين المتعلمين الأميين. أما الصناعة والتجارة، فقل ولا تخجل، مشاع لتعلم النصب والسرقة والغش. لن ننتظر قوة خارجية أو حتى إلهية لكي نتغير. علينا أن نبني أنفسنا بأنفسنا. أمامنا اليوم فرصة عظيمة كي نسقط كامل النظام، لا الرؤوس فقط. إنها الانتخابات. علينا أن نستعد لها وكأننا في معركة حربية، نعم إنها معركتنا الأولى للبناء والتعمير.
تحمل المسؤولية وشارك في بناء الوطن، شارك في هذا العبور الجديد، عبور إلى الخير والتقدم. كن إيجابياً وانتخب. اختر الشخص الذي يبني، اختر الشخص الذي تثق به، لا ذاك الذي يدفع لك مقابل صوتك، فصوتك لا يقدر بثمن، لأنه صوتك.

الشعب يريد عبوراً جديداً، فليكن هذا شعار معركتنا القادمة، معركتنا مع ذواتنا، ومع كلّ من يطمع في كفاحنا، وبلدنا. ولك الله يا بلادي

الأحد، 6 نوفمبر 2011

أضحى مبارك بلا ‘‘مبارك’’


أضحى مبارك بلا ‘‘مبارك’’

يحتفل العالم الإسلامي بعيد الأضحى، هذا العيد الذي نتذكر فيه سويًا إبراهيم عليه السلام وهو يُضحي بأبنه،ولكن الله يفدي هذا الإبن المسكين. بل ويباركه ويبارك نسله.

هذا العيد له مذاق خاص جدًا اليوم في عالمنا العربي. ففيه نحتفل بالأضحية، ونتذكر من ضحوا بأرواحهم ودمائهم في سبيل حرية مواطنيهم. نتذكر الشاب "بوعزيزي" هذه الشعلة التي أنارت جميع الكهوف المُظلمة في عالمنا وأوطاننا. هذه الشُعلة التي ألهبت حماسة شباب تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا....والبقية قادمة لا محالة.

توقفت كثيرًا عند المشهد المصري. فنحن بدء احتفالنا بعيد الأضحى منذ 25 "يناير/ كانون الثاني" ولم ينتهي بعد.
قرأت خبر أعضاء المجلس العسكري يُؤدون صلاة العيد، ويخرون ساجدين أمام إله رحمان رحيم.


وتساءلت ألم يقل لهم هذا العيد شيئاً؟ ألم يسألوا أنفسهم بأي حق يسجدون ويدهم مُلطخة بدماء شهداء الوطن والثورة؟ وأثارت فيّ الصورة تساؤلات عديدة منها:

هلّ يُدرك أعضاء المجلس أنهم ذبحوا المصريين عندما طردوهم بالقوة من ميدان التحرير بعد تنحي المخلوع؟
هلّ يعي أعضاء المجلس أنهم سجنوا وقتلوا وسحلوا العديد من الشباب لمجرد أنهم يُعبرون عن رأيهم بصراحة؟
هل يفطن أعضاء المجلس أنهم عندما يُصادرون الصحف ويمنعون الكلمة، بأنهم ليسوا آلهة على الأرض، بل هم بشر مثلنا، يحق لنا أن ننقضهم ونرفضهم إذا تطلب الأمر ذلك؟
هل يعرف أعضاء المجلس المأزق الذي وضعوا فيه البلاد عندما نسوا أنهم ليسوا إلا سُلطة انتقالية لا حق لهم بأن يسنوا القوانين أو مبادئ فوق دستورية؟
هل أنتبه أعضاء المجلس العسكري أنهم مازالوا يعاملون المصريين بنفس مبدأ النظام السابق وأن المصري مازال رخيصاً عندهم؟
هل يدرك أعضاء المجلس أن ردة فعلهم بعد المشاكل الجسيمة التي حلت بالبلاد خلال الفترة القليلة الماضية، وأخرها أحداث ماسبيرو الدامية، تثبت فشلهم الزريع كقادة مرحلة انتقالية، وحتى كقادة جيش. وأنهم يخفون فشلهم خلف مكاتبهم؟

صورة أرشيفية لمبارك المخلوع مع قيادات من المجلس العسكري
Text Box: صورة لبعض أعضاء المجلس العسكري مع المخلوع


في الواقع، يأتي عيد الأضحى هذا العام، وقد تبدل مبارك بالمجلس العسكري، والحال واحد. بل أصبح أكثر غباءً وشراسة.
"تتناقل العديد من وسائل الإعلام والأخبار علامات غباء المجلس الحاكم في مصر هذه الأيام، ولا مجال لسرها هنا".


كنت أتمنى للجميع عيد أضحى مبارك، دون مبارك. ولكن يشاء قدرنا أن نظل في أجواء عيد الأضحى منذ يناير وحتى إقصاء المجلس العسكري عن حكم البلاد. وحتى يتحقق هذا علينا جميعاً أن نبني مجلس وطني انتقالي مكون من خيرة رجال مصر الشرفاء من العلماء في كافة المجالات كالقانون والعلوم الاجتماعية والسياسية. ويبني هذا المجلس نواة مصر الجديدة بعيداً عن السُلطة العسكرية المقيتة والتي ظنت نفسها صورة الله على الأرض. وإن سجدت فهي تسجد لنفسها ونسيت أنها بشر يخطئ ويصيب، وله ثواب وعقاب.  



رسالتي الأولى


رسالة (1) إلى المجلس الهزلي.

اود أن أدشن مدونتي بحقيقة مهمة وهي أنني في غاية السعادة لأني لم أقم بالخدمة العسكرية تحت لواء الجيش المصري. ليس لأني لا أحب بلدي، ما عاذ الله، بل لأني اختبرت خلال مراحل التقديم الأولى في الخدمة العسكرية كيف أن الجيش المصري هو من أول مؤسسات المصرية التي لا تحترم كرامة الفرد المصري.
أجاهر بهذه الحقيقة من بعد مرور عشر سنوات تقريبًا على إعفائي من الخدمة العسكرية، وأتذكر جيداً اللحظات المُرة التي قضيتها وأنا أنتظر نتيجة القبول بالخدمة العسكرية لما رأيته من هذه المؤسسة من الخارج، فما بالك بداخلها؟
هل يعترف الجيش المصري كمؤسسة بالفساد المنتشر فيه كالسرطان؟ أظن أن الاعتراف بالمرض هو أوّل خطوات العلاج للمريض، إذا كان يبغي العلاج بالتأكيد !
نعود لرحلة الشقاء في الخدمة العسكرية، حيث يسافر الشاب المصري من بلد إلى بلد آخر (كما في حالتي)، حيث منطقة التجنيد التي ينتمي إليها. يقف في طابور من الشباب الأخر الذين في نفس مؤهله، والذين عددهم يتراوح المئات بل الآلاف. الكلّ منتظر دوره في تسجيل البيانات والملف الخاص به.
معاملة غير أدمية من مجندين لا يعرفون حتى القراءة والكتابة، يتحكمون بنا بدرجة مَرَضِية، ونحن حملة المؤهلات العليا، من لم يختبر هذا من المصريين؟؟
ولكن ليس هذا باب القصيد، بل أن كلماتي هذه حتى أقول أن الجيش المصري هو دولة داخل دولة، وأن المفاجأة التي نتلقاها من مجلس العسكري الحالي كان يجب أن نتوقعها، وقد أخطأنا في حق مصر حينما تركنا ميدان التحرير واستسلمنا لهذا الجيش.
ألم يكن هذا الجيش شاهد عيان لمعركة الجمل الشهيرة؟؟ ماذا قدم لضحايا الثوار، سوى حيادية باردة مُلطخة بالدماء.
ألم يكن رئيس المجلس العسكري من رجال مبارك وأحد أركان نظامه السابق؟ وقبل ألم يكن رئيس حرسه الجمهوري؟ ما الذي يغير وما الذي تبدل؟ لا شيء سوى الأسماء.
   أعلم أني لم أقل جديد، وأن أفكاري ليست مُنسقة، ولكن يكفي أن عبرت عن ذاتي، وجاهرت بما يجول في خواطري. وأعلم أنها خطوة ليست سهلة في ظل مصادرة التعبير التي يقوم بها مجلس الآلهة الذي يحكم البلاد في هذه المرحلة، ولكني أقول لهم "اعتبروا". فلم يُخلق نظام وقف عائقاً ضد شعب يريد أبسط حقوقه وأهمها وهي كرامة، حرية، عدالة اجتماعية. وعشت يا مصر حرّة